وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، إن النظر في مدرسة التاريخ والإفادة من أحداثه وأيامه يزيد من ثقافة القارئ وخبرته وبُعد نظره لواقعه ومجريات زمانه، لقد تقاسم الفرس والروم قبل مجيء الإسلام السيطرة على العالم القديم، وكانت بيزنطة (القسطنطينية) عاصمة للروم، والمدائن عاصمة للفرس وملوك الأكاسرة.
وتقع مدينة المدائن في العراق إلى الجنوب الشرقي على بعد 25 كيلو متراً من مدينة بغداد [١] ، ويُطلق عليها حالياً اسم: "سلمان باك" نسبة للصحابي سلمان الفارسي -رضي الله عنه-، وكانت تضم إيوان كسرى الضخم، الذي كان يسمى "القصر الأبيض" وعرشه، وبجانبه قوص ضخمة؛ حيث تعرض للهدم مع الأيام بسبب السيول، والكوارث، والأخطار.
وكان فتح المدائن في معركة القادسية على يد سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه عام 16 للهجرة / 637 للميلاد، في عهد خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- تحقيقاً للبشارة التي أضاءت للنبي -صلى الله عليه وسلم- يوم حفر الخندق عندما شكى إليه سلمان الفارسي صخرة بيضاء عظيمة اعترضت عملهم، وكسرت فؤوسهم.
فنزل النبي -صلى الله عليه وسلم- في الخندق وضربها ثلاث ضربات، يبرق منها في كل ضربة برق تضيء منها أطراف المدينة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أضاءت لي منه قصور الحيرة ومدائن كسرى، كأنها أنياب الكلاب فأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليها)، أخرجه ابن كثير في البداية والنهاية وقال: حديث غريب.
وكان من غنائم كنوز كسرى، سواريه اللّذين وعدَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بهما سراقة بن مالك في طريق الهجرة وحادثته المشهورة.
والله أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.