حيّاكم الله السائل الكريم، حشد أبو بكر الجيوش لقتال المرتدين، ووقعت معركة اليمامة في سهل عقرباء من منطقة اليمامة، التي تقع في جنوب نَجْد في السعودية حالياً، وكانت موطن قبيلة بني حنيفة، وكانت معركةً فاصلةً من حروب الردّة وتاريخ المسلمين، حيث استطاع مسيلمة الكذاب أن يجمع حوله ستّة وثلاثين ألف مقاتلٍ.
وبعد وفاة النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- ارتدّ عدد كبير من سكان الجزيرة العربية، ولم يبقَ منهم سوى مكّة، والمدينة، والطّائف، فوقف في وجههم صِدّيق هذه الأمة، وخير النّاس بعد الأنبياء، سيّدنا أبو بكر الصديق -رضي الله عنه-، فوجّه الجيوش؛ لردّهم إلى دينهم؛ لذا سُمّيت بحروب الرّدّة.
وكان من أصعب وأكثر أولئك المرتدّين عدداً وعُدة بنو حنيفة، يتزعّمهم مُسليمة الكذّاب الذي لم يرتدّ فحسب، بل ادّعى النبوة، وكان قد ادّعى النبوة من قبل في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم-، واستطاع مسيلمة مع جيشه الانتصار على أوّل جيشٍ بعثه أبو بكر الصديق -رضي الله عنه-.
ثم بعث لهم أبو بكر خالد بن الوليد على رأس ثمانية عشر ألف مجاهدٍ، من بينهم عشرات حفّاظ القرآن، يتقدّمهم سالم مولى أبي حذيفة -رضي الله عنه- يحمل اللواء، وجمعٌ غفير من جلّة الصحابة، وتصدى مسيلمة لجيش المسلمين، بل واستطاعوا أن يُهاجموا خيمة خالد وحاولوا قتل زوجته، ولكنّ المسلمين استبسلوا يدافعون الكفرة، وتحوّلت الكرّة لأهل الحق، حتى أجبروا عدوّهم على التراجع إلى أن حاصروهم في حِصنٍ حصين.
واستطاع البراء بن مالك -رضي الله عنه- أن يخترق الحصن، وكان من أجرأ الناس على القتال، وفتحه لقوات المسلمين الذين قاتلوا قتالاً عنيفاً؛ فكان النصر حليفهم في النهاية، ومن شدّة القتال وكثرة ما قُتل فيه من الكفرة سُمّي هذا الحِصن؛ بحديقة الموت، وكان من بين القتلى مُسيلمة الكذاب، حيث قتله وحشيّ الحبشي وكان قد أسلم.