وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، بارك الله فيك لحرصك على الاطّلاع والاستزادة، ويعد لفظ المغفرة والرحمة من الألفاظ المتقاربة في المعنى، ووردت متتابعة في بعض آيات القرآن الكريم، إلا أن هناك فرقًا جوهريًا بينهما.
وللتفريق بينهما لا بدّ من تعريف المصطلحين:
- تعريف المغفرة
هي الستر، وطلب المغفرة هي طلب الستر من الذنوب والزلل، فهي الستر من الله -تعالى- بعدم فضيحة الزلة وإظهارها.
- تعريف الرحمة
هي نعمة من الله -تعالى- على عباده، وفضل منه، وتكون الرحمة بمضاعفة الحسنة، والصفح عن السيئة، وهي إكرام من الله -تعالى- بالفصل والكرم رغم تقصيرنا.
والرحمة نجاة من العقاب، فلا ينجو من عقاب الله وعذابه إلا من تغمده الله برحمته، وعلى ذلك تكون المغفرة ستر عن الزلة، والرحمة نجاة من العذاب، وقال الرازي في التفريق بينهما: أن المغفرة أن يسترَ عليه جُرمَه؛ صونًا له من عذاب التخجيل والفضيحة.
وقد فرّق بعض أهل العلم بين العفو والمغفرة والرحمة بقولهم: العفو يكون عن الكبائر، والمغفرة عن الصغائر، وأمّا الرحمة فتكون بزيادة الحسنات، ولعلّ بعض الدلالات التي أوردها أهل العلم تغلّب جانباً على جانب، تبعاً لاختلاف الأفهام وتعدّد دلالات الألفاظ في لغة العرب، والله تعالى أعلم.
ومن الآيات التي جمعت لفظ الرحمة والمغفرة قول الله -تعالى-:{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ۗ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ۖ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا ۚ أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}، "البقرة: 286".