حياك المولى، من خلال البحث في هذه المسألة تبين لي عدم وجود نص صريح يثبت أو ينفي وجود الحجاب في الجنة؛ لكن ذهب فريق من أهل العلم إلى الاستدلال ببعض الأدلة الثابتة على عدم فرض لبس الحجاب للنساء في الجنة؛ أبيّن ذلك من خلال ما يأتي:
- أن الجنة دار نعيم وجزاء لا دار تكليف وعمل
قال -تعالى-: (لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِندَ رَبِّهِمْ ۖ وَهُوَ وَلِيُّهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)، [الأنعام: 127] وقال -تعالى-: (فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ). [السجدة: 17]
- وصف حسن لباس نساء أهل الجنة
حيث ثبت في صحيح البخاري قوله -صلى الله عليه وسلم-: (لَرَوْحَةٌ في سَبيلِ اللَّهِ أوْ غَدْوَةٌ، خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيا وما فيها، ولَقابُ قَوْسِ أحَدِكُمْ مِنَ الجَنَّةِ، أوْ مَوْضِعُ قِيدٍ -يَعْنِي سَوْطَهُ- خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيا وما فيها، ولو أنَّ امْرَأَةً مِن أهْلِ الجَنَّةِ اطَّلَعَتْ إلى أهْلِ الأرْضِ لَأَضاءَتْ ما بيْنَهُما، ولَمَلَأَتْهُ رِيحًا، ولَنَصِيفُها علَى رَأْسِها خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيا وما فيها).
وقد استدل أهل العلم بكلمة "نصيف" على عدم فرضية الحجاب في الجنة؛ إذ من معاني هذه الكلمة: ما تتزين به المرأة من عصابة الرأس التي لا تغطي كامل الشعر، كما تحتمل أن تكون بمعنى التاج أو ما يقوم مقامه؛ لما ثبت في رواية أخرى: (ولتاجُها على رأسِها خيرٌ من الدنيا وما فيها). [أخرجه البخاري]
وتجدر الإشارة إلى أن بعض أهل العلم قالوا بأن معنى هذه الكلمة هو خمار الرأس؛ مثبتين وجود الحجاب في الجنة على سبيل التعفف وزيادة الحسن، لا على سبيل الفرض والتكليف.