حيّاكم الله، اختار الله الرسل من البشر وليس الملائكة لعدة أسباب أبرزها ما يلي:
- البشر أقدر على التوجيه والقيادة
فعندما يكون الرسول من البشر فإنه يكون ذو مقدرة أكثر على قيادة من مثله من البشر، وتوجيههم إلى ما فيه الرشد والصواب.
- ليكون الاقتداء به أصلح لمن هم حوله
فكان من الضروري إرسال الرسل والأنبياء من البشر لكي يتمكن الخلق من الفقه عنهم ومخاطبتهم، والفهم منهم في أمور دينهم ودنياهم، ولو أن الله بعثه الرسل من الملائكة لما أمكنهم ذلك.
وكان من الضروري أن يرسل الله تعالى الأنبياء والرسل من البشر حتى يتمكن قومهم من الحديث معهم، ولأن سكان الأرض والمستهدفون من دعوة الرسل والأنبياء من البشر فقد اقتضت الحكمة أن يكون الأنبياء من البشر، وهو ما قاله سبحانه وتعالى: (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ). "سورة آل عمران: 164"
ولو كان الله قد أراد أهل الأرض من الملائكة وليس من البشر لكان الله -تعالى- أرسل فيهم الرسل من جنسهم لكي يسهل عليهم التعامل، والتواصل معهم ويسهل عليهم فهمهم، ولم يكن ليرسل بينهم بشر غريب عنهم التعامل معه، والقوة والشكل والهيئة متفاوت بينه وبينهم فينفرون عنه.
- صعوبة الاتصال بالملائكة ورؤيتهم
حيث إن رؤية الملائكة من الأمور الصعبة، فحينما كان يطلب الكفار أن يكون الرسل والأنبياء من الملائكة لم يكونوا على دراية لا بطبيعة الملائكة ولا بهيئتهم، فلم يكونوا مدركين إلى مدى المشقة والعناء الذي سيلحق بهم إذا حدث ذلك.
وقد كان النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم أحسن الخلق، وقد خلقه الله تعالى على قدر عظيم من القوة النفسية والجسمية، وحينما رأى الملك جبريل على هيئته الحقيقية وصورته أصيب بالهول الشديد وعاد إلى بيته يرجف فؤاده، وكان في كل مرة يتصل الوحي بالرسول -صلى الله عليه وسلم- يكون الأمر صعب عليه وشديد، فكيف يكون الحال بالنسبة للعباد