السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بالسائل الكريم، لطالما حذّرت شريعتنا الإسلامية من الإسراف والتبذير، وكثيراً ما أمر الشرع بالتوسط في أمور الحياة، وجاءت العديد من الآيات والأحاديث التي توضح هذا؛ فقال الله تعالى في محكم آياته: (وَكُلوا وَاشرَبوا وَلا تُسرِفوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ المُسرِفينَ)، "سورة الأعراف: 31" والإسراف هو الزيادة على حاجة الإنسان.
والقرآن الكريم جعل وصف الإسراف ملازماً للكافرين والفاسقين، لقوله تعالى: (وَكَذلِكَ نَجزي مَن أَسرَفَ وَلَم يُؤمِن بِآياتِ رَبِّهِ وَلَعَذابُ الآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبقى)، "سورة طه: 127" وقوله تعالى: (إِنَّ المُبَذِّرينَ كانوا إِخوانَ الشَّياطينِ وَكانَ الشَّيطانُ لِرَبِّهِ كَفورًا)، "الإسراء: 27" فجعل صفة التبذير من صفة الشياطين، ومن اتبعهم كان مثلهم.
والآيات السابقة جاءت تنهى عن الإسراف والتبذير بشكلٍ عام، وجاءت بعض الآيات التي تدل على أهمية الماء وأنها من أعظم نعم الله، ومن واجبات المسلم المحافظة على هذه النعم، فقد قال الله تعالى: (وَجَعَلنا مِنَ الماءِ كُلَّ شَيءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤمِنونَ). "الأنبياء: 30"
وجاءت الأحاديث النبوية التي تنهي عن الإسراف في الماء، لما رواه عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه-: (أنَّ النَّبيَّ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- مرَّ بسَعدٍ وَهوَ يتوضَّأُ، فقالَ: ما هذا السَّرَفُ يا سَعدُ؟ قالَ: أفي الوضوءِ سَرفٌ قالَ: نعَم، وإن كنتَ على نَهْرٍ جارٍ). "أخرجه ابن ماجه، صحيح"
وثبت عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنه قال: (كانَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يَغْسِلُ، أوْ كانَ يَغْتَسِلُ، بالصَّاعِ إلى خَمْسَةِ أمْدَادٍ، ويَتَوَضَّأُ بالمُدِّ)، "أخرجه البخاري" والصاع في عصرنا يعادل ما يقارب لتران ونصف، والمد مقدار ما يملأ الكفتين أو ما يقارب نصف لتر، ففي هذا دليل على استخدام الماء بقدر الحاجة بلا زيادة، وحاجة الإنسان تختلف من شخص لآخر.