حياك الله السائل الكريم، سُميت الكعبة بالبيت العتيق، كما جاء في قوله -تعالى-: (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) "الحج:29"، وقوله -تعالى-: (لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ) "الحج:33"، وذلك لعدة أسباب ذكرها المفسرون، منها:
قال القرطبي في تفسيره: تعددت آراء المفسرون في وجه صفة البيت بالعتيق؛ فقال مجاهد والحسن: العتيق القديم، وفي الصحيح أنه أول مسجد وضع في الأرض، بناه آدم -عليه السلام- ، ثم بوّأ الله موضعه لإبراهيم بعد الغرق، فبناه إبراهيم وإسماعيل، وقيل: عتيقاً؛ لأنّ الله أعتقه من أن يتسلّط عليه جبّار بالهوانِ إلى انقضاء الزمان ونهايته، وفي الترمذي عن عبدالله بن الزبير أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إنما سمي البيت العتيق لأنه لم يظهر عليه جبار) وقال: حديث حسن صحيح.
وقالت طائفة أنّه سُمي عتيقا؛ لأنّ الله -عز وجل- يعتق فيه رقاب المٌذنبين من العذاب، وقيل: سمي بذلك لأنّه أُعتِق من غرق الطوفان، وقال ابن جبير: العتيق الكريم، والعِتق الكرم، وعتق الرقيق يعني الخروج من ذلّ الرذِق إلى كرم الحُرية، ويُحتمل أن يكون العتيق صفة مدح تقتضي جودة الشيء، وقال مجاهد سُمّي عتيقاً؛ لأنّ الله -تعالى- خلق هذا البيت قبل الأرض بألفي عام.
وقال البغوي: تعدّدت آراء العلماء في معنى العتيق؛ فقال ابن عباس وابن الزبير ومجاهد وقتادة أنّه سُمي بذلك؛ لأنّ الله أعتقه من أيدي الجبابرة قبل أن يصلوا إلى تخريبه، فلم يظهر عليه جبارٍ قط، وقال سفيان بن عيينة أنّه سُمّي عتيقاً لأنّه لم يملكه أحداً من الناس، وقال الحسن وابن زيد أنّ تسميته بذلك تعود لِقدمه، ولأنّه أولُ بيتٍ وضع للناس فيُقال: دينارعتيق أي قديم، وقيل أيضاً في سبب تسميته، أنه سُمي عتيقاً لأنه ليس لأحد فيه شيء.
وفي تفسير السعدي: البيت العتيق يعني القديم، وأفضل المساجد على الإطلاق، والمُعتق من تسلّط الجبابرة عليه، وهذا أمر بالطواف، خصوصاً بعد الأمر بأداء المناسك لفضله وشرفه ولكونه المقصود.