لم يرد في الأحاديث الصحيحة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ما يدلُّ على أن قراءة آية أو سورة مُعيَّنة تسهِّل على المرأة ولادتها، فتخصيص سورة مريم أو غيرها لذلك لا دليل عليه.
ولكن ورد عن بعض السلف آثار في قراءة بعض آيات القرآن عند الحامل لتيسير ولادتها، وذلك استدلالاً بأنَّ القرآن كلّه بركة وشفاء للمؤمنين من أمراض الظاهر و الباطن، ومن جملة البركة التي تُرجى في قراءته تيسير أمور الحامل عند الولادة.
وقد جاء في الحديث عن عوف بن مالك الأشجعي -رضي الله عنه- قال: (كُنَّا نَرْقِي في الجَاهِلِيَّةِ فَقُلْنَا يا رَسولَ اللهِ، كيفَ تَرَى في ذلكَ فَقالَ: اعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ، لا بَأْسَ بالرُّقَى ما لَمْ يَكُنْ فيه شِرْكٌ). رواه مسلم
فهذا الحديث فيه دليل على أنَّ الرقية بالقرآن جائزة ولا بأس بها، والقراءة للحامل لأجل تخفيف آلام الوضع من جملة ذلك.
وقد ورد عن الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله- أنَّه كان يكتب بعض الآيات والأدعية في إناءٍ ثمَّ يملؤه بالماء ويأمر المرأة التي تريد الوضع أن تشرب منه، فقد ذكر ابن القيم -رحمه الله- في كتابه زاد المعاد عن عبد الله بن أحمد قال: "رأيت أبي يكتب للمرأة إذا عسر عليها ولادتها في جام أبيض، أو شيء نظيف، يكتب حديث ابن عباس -رضي الله عنه-: لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين، (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ) الأحقاف/35 (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا) النازعات/46".
ولو قرأت سورة مريم خاصَّةً الآيات التي فيها قصَّة مريم ووضعها؛ رجاء تخفيف آلام الوضع عن زوجتك فهو جائز ويُرجى نفعه إن شاء الله، فالقران كله بركة.